استقلت سيارة الاجرة لتعود لمنزلها كالعادة وفرحت عندما وجدت مكانها المفضل بجوار احدى النوافذ خاليا، اسندت راسها اليه فهذه المرة لم تلاحظ الطريق كالمعتاد بل طافت مع ذكريات مَن عرفتهم واحبتهم
الاول هو حدوتة الحب الاول ، احبته بصدق و احبها لم يفترقا في كثير من الاوقات ، تطبع كل منهما بالاخر ، كل شئ كان الاول الى ان جاءت النهاية المعتادة لايصلح فلدي طموحي هذا ليس الوقت المناسب.
توقفت عند مشهد النهاية فهو دائما يحفر اثره في الذاكرة ربما لان مالا تتوقعه النفس ومالا تألفه تتعمد دائما ان تخزنه من اجلنا ليصبح كالشبح يطاردنا من حين لآخر كما لو انها تعاقبنا على خداعنا لها !
حاولت الا يحزنها تذكر تلك النهاية فلقد وجدت وسيلة لتتحايل على نفسها المخدوعة فاكتفت بوصفه( انه كان اناني).
اما الثاني عرفته عن طريق احد الاصدقاء،كان بالنسبة لها صديق، هي بالنسبة له كانت اكثر من ذلك.
عندما احست بمشاعره تجاهها وفرت عليه عناء الصدمة فرحلت بدون تقديم اي اعذار.
تذكرها لذلك جعلها تحدث نفسها لابد انه مدين لي الان بكلمة شكر مع اني لا اظنه يعي ذلك فلو ذكر اسمي امامه لنعتني بالانانية !!
عند ذلك ارتسمت على شفتاها ابتسامة الرضا او لعلها ابتسامة الانتصار.
تلك الذكرى الاخيرة تتجلى لها فمعه عرفت ان الحب الاول ليس كما يدعي البعض الحب الاخير بل الحب الناضج هو الحب الاخير
معه احست بانوثتها، بطفولتها، احترامه لها وثقته الشديدة فيها
تذكرت كلماتها له لا اريد منك ان تسكني القصور او تغمرني بالذهب يكفيني من الدنيا انت
كما تذكرت حين كانت تشبهه باحد الالهة القديمة وتخبره انها ستقدم له القرابين وتشعل حوله المزيد من البخور ليحل عليها بعفوه ورضاه.
معه فعلت كل شئ الا شئ وحيد البكاء، حتى في اضعف حالتها وفي اشد حاجتها لان تبكي على ذراعه كانت تأبى ذلك ليس لخوفها ان تبدو ضعيفة ولكن خوفها من ان تجبره دموعها ان يتعاطف معها !!
ذكراه الوحيدة التي كانت تأبى استرجاعها، فهي لاتريد ان تعرف لماذا تركها ولاتريد ان تشعر بغيابه ولا تريد ان تعطي شيطانها الفرصة لتسخط عليه
عادت لانتباهها عندما سمعت صوت السائق ينادي باسم الشارع الذي تسكن فيه
نزلت من السيارة وفي طريقها الى البيت لم تمسح تلك الدموع السائلة على خدها بل حدثت نفسها قائلة
كم اتمنى ان اراك الآن.