الجمعة، 26 أبريل 2013

المطار


كان اصراري للذهاب معه لتوديعه لأرى المطار ! هذه المرة الأولى التي سيتاح لي رؤية هذا المكان بعيدا عن الأفلام وبقايا الحكايات المقتطعة من لحظات وداع وعناق وبكاء وامنيات برحلات طيبة وعودة سالمة.
عندما توجه إلي بالحديث انه ليس من الضروري ان اذهب فالأمر لن يخرج عن هذه الإجراءات الرسمية كما انه لن يفوتني الكثير، فهو لن يذرف دمعة واحدة حتى لو بكينا مطولا وتشبثنا به لقد أصبح الآن قويا كفاية ليتدبر امره بمفرده.
أجبته بضحكة طفولية وإلتماعة في العينين انني لست ذاهبة من أجله بل من أجل رؤية المطار ولن اسمح له بان يفوّت علي تلك الفرصة .

طوال الطريق تحاشيت النظر إليه وهو يجلس في الكرسي الأمامي قبالتي فلقد خزنت له صورة وسيمة كفاية تعينني على استرجاع ملامحه وذلك الطول المبالغ فيه ، ففي المقارنة بيننا أصِل عنده لمستوى صدره تماما .

حوّلت كامل انتباهي للطريق المجاور فلقد أخبرني "خالي" ان الطريق بعيدة وسيتطلب الأمر حوالي الساعتين لنصل ، لذلك لم احاول ان اشعر بالضجر او الترقب الذي يقتل الوقت مللا ، فأعطيت المشاهد وقتها الكافي لإختزانها في ذاكرتي البصرية !

رأيت ذلك البيت الذي يشبه بيت الأمير في فيلم الانيميشن
Beauty and the beast  واخبرت أختي سريعا لتنظر مستخدمة تعبير Fairy tale ! لم تنتبه لما قلت أو بالأحرى لم تفهم ما عنيته إلى أن رأت البيت فرددت ما قلته مرة أخرى استيعابا لما قلت Fairy tale !
تلاه تلك الكافيتيريا المطلية باللون اللبني الداكن الذي أكرهه فهو يذكرني بغرف العمليات !
القصور المشيدة على مسافات تكاد تكون مقتربة من بعضها في ذلك الفراغ الشاسع وتلك المنطقة النائية جذبتني حدائقها المزينة بأشجار الورد ، فهي احدى امنياتي ان اسكن بيت مطلي بالأبيض وشبابيك زرقاء ومزين بأشجار ورد باللون الفوشيا !

  مسافات اكبر واكبر من الفراغ لكن ليس هو بالصحراء عندما قطعناه أطلقت عليه " قطعة من اوروبا "
فهو عبارة عن حشائش صفراء على امتداد البصر اشبه باصفرار القمح متهيأ لوقت الحصاد ، وراءه تلك الأشجار الشبيهة بأشجار الكريسماس ولكن ليس بذلك اللون الأخضر المبلل بالندى بل اللون الأخضر الزيتوني ، وسماء تتدرج في درجات الأصفر والبرتقالي وقت الغروب.
ما رأيته هو لوحة زيتية لمنظر طبيعي حي موجود هنا ولست بحاجة  لأتخيله بعد الان في مكان آخر بعيد لابد أن اذهب إليه بالطائرة !!

عندما وصلنا وجهتنا " المطار " بتلك المشاهد المطبوعة في النفس متأثرة بالأفلام لمشاهد ملحمية  ولحظات وداع حميمية  ومشاعر يمتزج فيها الحزن بالدعاء ، تبددت تلك الصورة منذ اللحظة الأولى فكانت الصدمة ببرودة المكان وضحكات تتوزع بلا مقابل واستعجال في كل المكان.
كان المطار يعكس صورة روّاده التي لم اخطئ في عينيهم حلم عدم العودة من جديد !

الخميس، 11 أبريل 2013

مأساوي لدرجة الكوميديا


وضعي كده بالظبط وكل لما اجي احكي لازم اضحك معرفش بضحك ليه؟ يمكن من فرط المأساوية والكأبة لو فضلت احكي على نفس الوتيرة الموضوع هيبقى مأفور ببجاحة ، وللأسف الدنيا بجحة أوي فعلا بجحة ومبيهمهاش !

لما سألتني النهاردة انتِ فعلا عايزة تحكيلها الموضوع ؟
قولتلها لأ ، أنا فعلا مش عايزة احكي وبتعب أوي لما بحكيه بس برضه أنا ما بقتش قادرة اسكت ، أنا تعبانة أوي .
أنا كل لما اتكلم بخرج جوايا اطنان من الكلام اللي بيخرج وراء بعضه مع عياط هستيري كان مقفول عليه ومصدق يخرج ، وبعدين أنا لو حكيتلها هحكي من أول ايه بالظبط ؟ الموضوع كحكاية حصلت ولا هي عملت فينا ايه ولا انا شايفاها ازاي ولا التراكمات اللي زادت عليه .. # حد يديني سكينة اقتل كل الأفكار اللي في دماغي .. # سكينة لأ ! أنا مش عايزة سكينة أنا بقيت أخاف من اسمها بعد لما هدد انه هيدبحنا !!

انا بقيت مرعوبة وبنام خايفة ، ازاي توصل الحياة للشكل ده ، سيناريو مرعب اتحطلنا كله مفاجأت مش لطيفة ع الإطلاق .. # لفظ لطيفة أكيد متناسب مع درجة الكوميديا المأساوي !
تبعيتنا ليه مخلياه يتصرف بمنطق كل الأمور بتدور في فلكه طول الوقت ، بتخرج منه وبسببه وبتصب ليه ، كان في الأول ده يعتبر فخر ليه لما تنسب ليه الحاجات الحلوة اللي احنا بنعملها اللي هي أكيد كلها بسببه أما لما بدأنا نغلط غلط كبير ده اعتبره وصمة في حقه أو نوع من الإنتقام منه وكره ليه !
يا أيها الكون المبالغ فيك في درجة الأكشن ، ليه هو مش قادر يقتنع انه طول الوقت عاطينا مساحتنا الخاصة اللي احنا بندور في فلكها ، ومن خلالها عطينا لنفسنا زي حق اننا نعمل فضيلة برضه اننا نغلط !

لما ما دخلتش الإمتحان كل اي حد اشوفه يواسيني وعنيه بينط منها الفضول انه يعرف السبب وبيسألني السبب صراحة .. # ما بقاش فيه حد بيسيب الفضول يموته دلوقتي .. اللحظة دي لحظة عجز بالنسبالي اني ممكن أقول حاجة حقيقية بمنتهى التعقيد اللي الأمر عليه من غير ما اكذب ، وشي بيأخد تعبيرات غريبة ممتعضة أو خجولة من الأمر ودماغي بيحاول يلاقي كلام حقيقي مناسب ممكن أقوله للغرباء ، بس لازم لازم الكلام يحمل صفة النفي للخوف من الإمتحان في الأساس ودي عين الحقيقة .. # من غير اي كذب .. # اه والله ، اه والله ، اه والله !

كان من اظرف التعليقات اللي سمعتها عن سبب اني ما دخلتش الإمتحان كان : فاطمة ، انتِ بتحبي ؟
ابتسمت بكل هدوء _ابتسامة خيبة_ بيتهيألي في الوضع اللي انا فيه دلوقتي آخر حاجة ممكن أفكر فيها هي الحب ، بقى الحب رفاهية مش من حقي _من جوايا قلبي كان بيتقطع_ # ده حقيقي ع فكرة !

الدنيا فاتحة صدرها علينا جامد أوي كأنها بتصفي معانا حساب قديم ، وداخلة تضرب فينا بكل عزمها من كل النواحي ،
طيب بالنسبة ليّا انا واختي احنا عملنالك حاجة ؟!
لحقتي تشيلي مننا كل ده في قلبك امتى يا شيخة ، طيب ايه ذنبنا نتحمل غلط كبير مالناش ذنب فيه لأ وكمان بنتحاسب دلوقتي على غلط احتمال نعمله او ما نعملوش في المستقبل .. # انتِ مش حاسة انك بايخة !

لما قولت لـ "ماما" اني بقرأ كتاب دلوقتي كل لما اقراه تحصل مصيبة اقوم مأجلة قرايته ولما يعدي الوقت والأمور تهدأ شوية اطلعه عشان اكمله تحصل مصيبة تانية وراها !
اختي لاحظت نفس الموضوع وأمنت على كلامي ، ماما قلبها اتقبض وقالتلي ليه كده يا بنتي خلاص ما تقرهوش وارميه ، قولتلها يا ماما الأدب ده هو اللي بيهون عليَا المصايب ، أنا قريت حكايات تفوق اللي بيحصلنا ده آلاف المرات ، حكيتلها عن غرناطة في "ثلاثية غرناطة" لـ "رضوى عاشور" وقولتلها على اللي كان بيحصل للناس وقتها ، قولتلها ان الناس وحياتهم اللي بيعيشوها في عمر الممالك تكاد تكون نسيا منسيا ، تخيلي بقى ان اللي بيحصلنا دلوقتي قصاد العمر الكوني ده ذرة غبار لا يأبه بها الكون على الإطلاق واحنا مهمشين جدا ولا نساوي شيء وسط الحكاية الكبيرة ، حكيتلها عن "تلك العتمة الباهرة" وحياة اي معتقل سياسي في سجون السلطة والأهوال اللي بيتعرضلها لدرجة انه بيتمنى الموت بكل صدق وبرضه كالمعتاد لا يأبه الموت باستغاثتنا عندما يكون هو مصدر الرحمة وليس العذاب !


أيوة المفروض أنا كنت بكتب ليه ؟
أنا بكتب عشان أنا حاليا خايفة لأ مرعوبة وبرصد كل حركة وصوت حواليا وجنبي مقص صغير قال يعني هيحميني # هع !