الخميس، 1 أكتوبر 2015

" بيدرو بارامو " .. خوان رولفو


" منذ سنوات عديدة لم أرفع وجهي، حتى اني نسيت السماء. ولو أني فعلت ذلك. فما الذي سأكسبه ؟ فالسماء عالية جدا وعيناي ضعيفتان، وكنت أعيش سعيدة لأني أعرف أين هي الأرض. وعلاوة على ذلك فقد فقدت كل اهتمام بالسماء منذ أكد لي الأب رينتيريا بأنني لن أعرف الجنة أبدا. بل ولن أستطيع حتى رؤيتها من بعيد. كان هذا بسبب خطاياي. ولكن ما كان عليه أن يقول لي ذلك، فالحياة تعاش بالأعمال والأمر الوحيد الذي يمكّن احدانا من تحريك قدميها هو الأمل بان ينقلوها بعد الممات من مكان إلى أخر. ولكن عندما يغلقون أمامها باباً ولا تبقى مفتوحة إلا بوابة الجحيم فخير لها لو انها لم تولد.
إن السماء يا خوان بريثيادو هو هنا حيث أنا الآن.

- وروحك أين تظنين أنها ذهبت ؟

- لأبد انها تهيم على الأرض مثل أرواح كثيرة اخرى، تبحث عن أحياء ليصلّوا من اجلها. ربما إنها تكرهني للمعاملة السيئة التي عاملتها بها، ولكن هذا لا يقلقني. لقد استرحت من عادتها الذميمة بالتأنيب. فقد كانت تملأ بالمرارة حتى القليل مما كنت اكله، وتجعل ليالي لا تطاق وهي تملؤها بأفكار مقلقة عن صور لمحكومين بالعذاب الأبدي وأشياء من هذا القبيل. وعندما رقدت لأموت رجتني أن أنهض واتابع جرجرة الحياة وكأنها ما تزال تنتظر معجزة ما تنظف خطاياي. لكنني لم اكبد نفسي ولو مشقة المحاولة. وقلت لها : “ هنا انتهت الطريق. وما عادت لدي قوة للمزيد ”
وفتحت فمي لتخرج منه ومضت، وأحسست بخيط الدم الذي كانت ترتبط به إلى قلبي وهو يسقط من يدي "