الأحد، 24 فبراير 2013

صديقي وللقرب منازل اخرى ..

ربما اكتب إاليك لأني اعلم انك لا تمل من حديثي وكتاباتي.
احدثك انت فقط لأني دائما كلما حاولت اختزالك في كلمة واحدة أقول " إنسان " ..
الحديث إليك مريح وعفوي واعلم جيدا انك مستمع جيد ودائما ما تبحث عما وراء الحكاية. تبحث عن الأثر، عن اللوحة الإنسانية المشبعة بالتفاصيل والتي لذلك تبدو معقدة للغاية على الفهم وأقرب محاولة لتفسيرها هو الشعور بها.

[تغدو اللوحة أقرب إلينا كلما نجحنا في معرفة أيا من تفاصيلها. ولكن مع كل محاولة لفك رموز تلك الأحجية تغدو اكثر صعوبة على استيعابها ]

اعلم كيف يكون التصَّور في المجمل ، فهو كَمَنْ رأى لوحة للمرة الأولى وأعجبه حزنها الشتوي وتلك الظلال بها مع قطرات المطر، ثم بعد فترة ينجذب أكثر إلى تلك المرأة التي تسير في ذلك الطريق الجانبي وحدها واضعة يدها في جيب معطفها، ثم ينتبه إنها لا تحمي نفسها في المطر بل تنخرط فيه وتُمهل الخطو وعندما يركز اكثر يكتشف انها اختارت ذلك الطريق بمحض ارادتها حيث انها تترك إضاءة الشارع الرئيسي وتتوغل في العتمة. يركز في هيئتها، ملامحها، تجاعيد وجهها، ذبول العينين، شحوب الوجه، ذلك الشعر المشعث. يحاول فهم حالتها من خلال إسقاط حالته عليها فيبدو الشبه بينهما متقارب إلى حد بعيد ..

أتعلم ان لحظة مرورك بتجربة ما تكون كتابتك وقتها الأكثر شاعرية، تهرع لتفريغ ذلك الحِمل كما تشعر به حينها أما عندما تنتهي لحظتها تصبح الكتابة أكثر نضجا.
في المرة الأولى تسهب في التفاصيل أما في الثانية تتعمد الإيجاز والتكثيف والجمل القاطعة كما لو انك تتصدى لها بالكلمات وإنتصارك عليها يكمن في اختزالها !
لكن صدقني تلك الجمل المكثفة تغدو أيقونة لمن مروا بحالة مشابهة فتبدأ تلقائيا عملية الفك والتركيب ووضع الكلمة المناسبة مكان الفرح أو الألم المماثل ..

وأنا اكتب إاليك الآن أستمع إلى المحطة الإذاعية " راديو ترام" ، فاجأتني اغنية " انا هويت " لـ " مسار إجباري " تحديدا.
تلك الأغنية التي اعرفها منذ اللحظة الأولى بذلك الإنقباض التلقائي الذي أشعر به مع بدء موسيقاها إلى أن اشعر " بتقَّطر " انفاسي في ختامها.
هذه تفصيلة انت لا تعرفها ولم يكن في حسباني اني سأذكرها لكنها فرضت نفسها امامي واعلم انك استحضرت ذلك الشعور الآن وماثلته ..  

أحب كثيرا قراءة الروايات والسير الذاتية لأني افتش بينهم عن الحالة الإنسانية التي تشبهني لعلي أشعر ببعض المواساة عندما يكتبني احدهم عوضا عنه ..

بت اخجل ان أعبر عن خوفي. هل تدرك كيف تصبح كلمة " خائف " في وقت ما تحمل كل معاني " الخذلان " و " الأنانية " ؟
ولكن صدقني ستتمرس الخوف إلى درجة عندما يداهمك بشراسته لن تدري انك خائف و ستخدع نفسك انه رد فعل طبيعي تجاه الخطر.

الآن لم أعد أشعر بالغضب تجاه أي شيء ، حل محله الرضا. فالضربات المتتابعة نزعت عني ترف رد الفعل !

اقسم لك اني في أحد الأيام الماضية استيقظت من نومي وتعطرت بعطر نفاذ لأتخلص من رائحة عفن اوجاعي فليس لأحد ذنب لأن تستفزه. للوجع هيئة ورائحة ايضا ..

أنا لا انام منذ كثير وإن نمت فمن شدة التعب. نَحُل جسدي كأن الحزن يأكل جسدي ويصيبني بتلك الآلآم فيه ..
كيف يداوي الطب آلآم الروح ؟!

كتبت في كراستي " الدموع اللي بتنزل عشان مدت ايد حرّاقة أوي " ارجوك احفظ هذا الدرس جيدا وكن رحيما.

في مرات كثيرة شعرت مع هول الأمور بقرب النهاية لكنها لم تأت في أيا منها وبالرغم إنها لم تنتهي حتى الآن لأنها مازالت محفورة داخلك ولكنك تتعود وتسير.
هذه المرة الأكثر عنفا على الإطلاق بشكل صادم ولكني لا انتظر النهاية .
ربما لأن عيني مصّوبة على خِتامها الذي سيمحو جميع ما سبق أو ربما كما كتبت " رضوى عاشور "

" فالحياة تحمي نفسها في نهاية المطاف "
 وازيد عليها

 وستتجاوزنا وتسير ..