الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

" لم نحلم بأشياء عصية "

مع البدايات نحتاج كثيرا لأن تُمزج بالحب لنتقوى به ونخطو عتبتها إلى ما هو بعدها ، يقيننا به يبلغ العنان ومع تكرار الخيبات والخذلان لا نلومه بل نظل نتشبث بأمل القرب والوصل ، كلما استحال علينا تمسُكنا به يشتد وفي الأخير نجدنا قطعنا شوطا كبيرا في الدرب ، ابتعدنا عن البدايات ودخلنا التجربة ، تم اختبارنا ، لا يهم ايا كانت النتيجة ولكن عبء التجربة لم يكن هين ، خضنا الدرب وحيدين وحينما ننظر إلى هذا الحب لا نجده حمانا مما نخاف ، لا نجدنا تقوينا به ، لا نجده رَبَت على اكتافنا حينما كان أقصى أمانينا كف تذوّب تلك القسوة وتخفف عبء الحِمل الثقيل.
خوض التجربة أكسبنا (قسوة) وأفضل تسميتها هكذا وليست (صلابة) لأن الوحدة التي أصبحنا عليها أصبحت توصمنا بالخذلان والهروب والإغتناء عن المقربين مقابل أنانيتنا طالما مازلنا ندعي آماننا في تلك الوحدة واكتفائنا بها. تلك (القسوة) لنشد على الآخرين عند اتهامهم لنا ، حتى لا نبرر وحدتنا ولا نعطيهم حتى سبب واحد بلومهم بأنهم لم يتفهمونا كفاية ولم يحتوا ألمنا ، كانوا بالفعل مقربين بالمعرفة _ بأنهم يعرفوا ثِقل التجربة_ لكنهم ليسوا مقربين بحمل العبء معنا.
تلك القسوة المكتسبة هي المفتاح الذي سيجعلنا نخوض التجارب التالية ونحن نثق في أنفسنا كفاية بأننا جديرين بخوض القادم. الذعر هو ما جعلنا نبحث عن الآخرين لتسكيننا ولكن عندما لم نجد السكن عندهم ووجدنا أنفسنا نسير نحو الهاوية بذلك الذعر من كابوسية النهايات وانه ليس هناك مفر مهما حاولنا و"طرقنا كل جدران الخزان"  مع تغيير المسار والانفراج الأخير فلن نجد أفضل من أنفسنا نسكن إليها ، سنجد أنه لم نكن بحاجة للأخرين فهم ليسوا بتلك الأهمية التي تصورناها يوما ما !

ربما ليس أشرس شيء ممكن أن تقابله هو شدة عليك تجاوزها وليس أمامك أي سبيل أو شيء تقدمه لتنفرج أو لتساعد على انفراجها ، ربما وقت الشدة ستتخيل ذلك انها الأسوأ لأن ما تحمله من خوف وصل بك حد ما تصفه الآية " حتى إذا بلغت القلوب الحناجر " هكذا كنت دائما ما أصف لأختي احساسي بأني أشعر بأن قلبي "محشور" في حلقي كما لو اني سألفظه ! حتى داهمتني في أقسى لحظات الإنتظار استدعاء تلك الآية فجأة حتى وجدتها تفصح بشكل بليغ عن لحظات ذعري تماما.
وقتها ظننت ان كل ما سيأتي بعد سيهوّن تلك اللحظات أو لأكون صادقة كفاية تلك السنة والنصف من الإنتظار المميت !
لكن الإحساس الذي تلاها وما اشعر به الآن هو حالة من الخواء التام ، أشبه بصوت الريح عندما تمر من انبوب مجوف فنسمع صفيرها المدوي ، لا شعور على الإطلاق ، ليس الأصعب ما ممرت به بل ما انا مقبلة عليه ، الأول عمل على تعطيل حياتي تماما من أجل شيء آخر أهم وأكبر ودفعني لأدفع ثمن لا يخص إخفاق أو فشل خاص بي ولكن هذا ما اقتضته الظروف ، لأجدني أواجه ما كان المفروض أواجهه لو تم ترتيب الأحداث التي كنت سأمر بها في سياقها الطبيعي ولم يتدخل القدر.

سأصنع نفسي ....
جملة عند كتابتها تمتلك من الإبداع والقوة والإقدام ما يجعلها جميلة في حد ذاتها ، فلأكررها مرة أخرة (سأصنع نفسي) ، تلك الجملة هي سبب ضياعي التام ، هي سبب مرحلة الضباب والوجوم التي أعيشها ، جملة أستطيع أن أضع أمامها كل أدوات الإستفهام وأقف عاجزة عن إجابتهم ، كيف سأصنع نفسي ؟ لماذا سأصنع نفسي ؟ متى سأصنع نفسي ؟ أين سأصنع نفسي ؟ ما الذي سأصنع نفسي منه ؟
قدر مخيف وانت تبدأ الخطوات الفعلية لتؤسس انت بعد خمس ، عشر ، عشرين والخ الخ من الأعوام ويقابله كل هذا الضياع أمام البدايات والإستقرار على ما تود كونه ، تعرف العديد من البدايات لكنك في كل واحدة منهم ينقصك شيء ما خارج عن طاقتك ، حتى في أكثر الأمور استقرار لديك أصبح ينقصك نفس الشغف والحماسة التي كنت تملكها بينك وبين نفسك.
تتسائل هل هذا الإنهاك الذي تشعر به الآن ناتج عن خوض تلك التجربة التي بالفعل غيرتك ، وفقدان هذا الشغف وضباب الرؤية هو نفسك الجديدة التي تلح بفرض نفسها وانت تكبح ظهورها بتمسكك بشغفك القديم حتى ان كنت لا تعرف هل هذا هو حقا ما تريده ام لا أو ليس هكذا تحديدا هل حقا ستحقق النجاح أو الإبداع فيه الذي كنت تريده أم لا !

صخب احتكاك قائمة ما تود فعله يتنافس بداخلك وتقابله انت بكل عدم الشعور الذي أصبحت عليه لا اريد الآن لا استطيع !

** العنوان مقتبس لـ محمود درويش / لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي

" ولنا أحلامنا الصغرى, كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة لم نحلم بأشياء عصية نحن أحياء وباقون وللحلم بقيةْ "


السبت، 19 يوليو 2014

بعض من مذكرات شارلي شابلن

* إن هذا الاتجاه نحو تصوير الفقر في صورة جذابة للآخرين أمر يبعث على الضيق. فلا انا عرفت حتى الآن رجلا فقيرا يحن الى الفقر أو يجد فيه حريته. ولا المستر "موم" يستطيع ان يقنع أي فقير بأن الشهرة والثراء الفاحش يعنيان القيود.
انني لا اجد قيد على الاطلاق في الثروة، بالعكس اجد فيها كثيرا من الحرية. ولست اظن ان "موم" يرضى بان ينسب مثل هذه الأفكار الزائفة إلى أية شخصية من رواياته ولو في أقلها شأنا.
فالقول بأن ( مناظر شوارع الحي الجنوبي في لندن تمثل البهجة والمرح والانطلاق في المغامرة ) قول يحمل طابعا من الميوعة والخفة يليق بماري انطوانيت !

انني لا ارى الفقر جذابا ولا بانيا للشخصية. فالفقر لم يعلمني شيئا غير تشويه القيم والمقاييس والتقدير المبالغ فيه لفضائل ومحاسن الأغنياء والذين يطلق عليهم صف الطبقات الأرقى.
اما الثروة والشهرة فإنهما على العكس قد علماني ان ارى العالم رؤية صحيحة وان اكتشف حين اقترب من البارزين من الرجال ان لهم نقائصهم الخاصة مثلنا جميعا. كما علمتني الثروة والشهرة ايضا ان انظر الى العلاقات العريقة المرسومة على السيوف والعصى وسياط الركوب باعتبارها نوعا من الادعاء، وان ادرك زيف اللهجة الجامعية كمقياس لذكاء الإنسان وجدارته ومدي الأثر المدمر لهذه الخرافة المحفورة على عقول الطبقة الوسطى الانجليزية. وان اعرف ان الثقافةليست بالضرورة نتيجة للتعليم أو معرفة الكلاسيكيات.

وبالرغم من افتراضات "موم" فأنا ككل انسان آخر لست إلا أنا. فرد قائم بذاته، مختلف عن غيره، له حوافز ونوازع ممتدة إليه عبر خيط وراثي قديم وتاريخ شخصي من الأحلام والرغبات والتجارب الخاصة ، أمثا أنا حصيلتها الكلية .


*  إني لأدرك أن الأيام والظروف قد جاملتني. وانني تغلغلت في عواطف العالم، وجربت حبه وكراهيته. نعم، ولكنه منحني الكثير من الحب والقليل من الكراهية. ومهما كانت قرارتي فانني أؤمن بأن الحظ والسوء يهبطان على الانسان اعتباطا كالسحب. ولأنني أعلم ذلك فإنني لا أصدم ابدا بما يصيبني من سوء واستقبل ما يصيبني من خير كمفاجأة أرحب لها. وليست لي خطة معينة اعيش بها أو فلسفة .. فنحن جميعا عقلاء وحمقى ومرغون على صراع الحياة !
وموقفي تجاه المصاعب لا يلبث على حال، ففي بعض الأحيان تثيرني أشياء تافهة، وفي بعض الأحيان أواجه الكوارث بغير اكتراث .. على أن حياتي الآن اكثر اثارة مما كانت في أي وقت مضى. فأنا في صحبة طيبة، ومازلت قادرا على الخلق، ولدي مشاريع لانتاج مزيد من الأفلام. قد لا اظهر فيها ولكن اكتبها واخرجها لأفراد أسرتي وبعضهم يملك مواهب مسرحية لا بأس بها.

ثم انني ما ازال بالغ الطموح ولن اعتزل على الإطلاق. فهناك اعمال كثيرة احب ان اقوم بها بالاضافة إلى ما عندي من سيناريوهات سينمائية تحتاج ان تستكمل، فانني اود لو اكتب مسرحية واوبرا اذا سمح الوقت.

ولقد قال شوبنهاور ان السعادة حالة سلبية ولكنني لا اوافقه. فأنا قد عرفت طوال الأعوام العشرين الماضية ماذا تعني السعادة

السبت، 31 مايو 2014

عابريّن في المقهى .. قصة قصيرة

رأيتهما مقبلين علي من بعيد ، تتشابك أيديهم كما يفعل العشرات غيرهم ممن يأتون إلى المقهى يوميا في كل ساعة. كانت ترتدي هذا اللون الروز الخفيف الذي يكسو وجهها بمسحة رائقة للغاية تبدو هادئة وخجولة وفي عينيها لمعة الإبتسامة المطمئنة. هو أطول قليلا يتقدم في خطوته عنها بخطوة كما لو انه يريد الإسراع بالقدوم إلى المقهى ربما ليستريح بعد مشوار طويل قضياه سويا بالخارج. اتخذا طاولة بجانب الباب الزجاجي المطل على الشارع واختارت هي الكرسي المواجه لتلك الواجهة الزجاجية وهو قبالتها. كان المقهى هادئا قليلا من الزبائن فتقدمتُ بعد فترة قصيرة من جلوسهما لأسألهما عما يريدانه طلبت هي عصير الفراولة باللبن مع كثيرا من السكر وهو قهوة مظبوط. أعددت ما طلباه وذهبت إليهما كانا منهمكين في الحديث لا أدري عن أي أمر تحديدا فلم تتسلل لأذني بعض من كلامهما ولكنها كانت كثيرة الإبتسام والإماءة برأسها. توقفا قليلا ريثما أعددت الطاولة وحييتهما بإبتسامة ترحاب وذهبت لأجلس في ركن أمام التلفاز لأتابع أثر اليوم الثاني للعملية الإنتخابية على قناة السي بي سي مع مدام لميس الحديدي تلك المرأة المنفعلة بغلاظة والمعلقة دوما على ما تعرف ومالا تعرف.
تعلقت عيناي بهما قليلا حيث كانت تخرج من حقيبة يدها كتاب مصور أخذت تريه فيه عدد من الصور معلقة بإسهاب على كل واحدة منها وهو يتابع معها منتبها لما تقول وعينيه تتأمل ما تريه إياه، هي تحكي بشغف جم وتحرك يديها كثيرا شارحة وضاحكة وهو يبدو متفهما تماما. تحولت مرة ثانية للتلفاز محاولا تركيز انتباهي ولكني نفرت كثيرا من المتابعة وأصابني الملل اختلست النظر إليهم مرة ثانية فكانا مازالا منهمكين في الحديث كما لو ان الوقت متوقف عندهم لا يشغله غيرهما. وجودهم أضفى الحميمية للمكان فهناك بعض الزبائن الجالسين بمفردهم ضجرين يأكلهم الملل وينفثوا كسلهم في الدخان المندفع من أنوفهم وأفواههم. أما هم فمتناسين ما حولهم يوزعون تلك الإبتسامات بسلاسة امتلكت قلبي بعفوية جعلتني شديد الألفة بوجودهم.
تلك الألفة اخذتني لتلك الأيام القديمة في قريتي التي وفدت منها لأبحث عن عمل هنا يساعدني على قضاء حاجات أمي وأخوتي البنات بعد ضيق الحال بهروب والدي مع تلك المرأة التي عشقها وباع الكل من أجلها. وجدنا أنفسنا فجأة وحيدين ومرتبكين ماذا نفعل وكيف سيكون الحال. اتفقنا ضمنا بيننا على أن نتحايل على الأمر بعدم ذكره مرة ثانية وأن نستعين بغيابه على نسيانه كأنه لم يكن يوما في حياتنا. ذلك الأمر الذي فررنا منه جميعا كل إلى ذاته وانا حيث قادتني قدماي إلى هنا.
نعم كانت حياتي في بلدتي هادئة قبل تلك الحادثة وكنت أنعم بألفة مماثلة وسط الأهل وكانت لي تلك الفتاة التي أحببتها منذ صغري لا استطيع ان أقول ان علاقتنا كانت تشبه الجالسان امامي بالطبع ولكني كنت اطمئن بوجودها كانت حلمي الحقيقي الذي هربت إليه في كل لحظات الضيق والضجر ومنيت نفسي يوما أن يستقر بي الحال بجوارها نأنس سويا. كنت أعشق الرسم والألوان كما لو انني أكسو كل ما اقابله بلون يجعله مفعم بالحيوية والبهجة. رسمت كثيرا من الأشخاص متحايلا على حقيقتهم لأجعل منهم أشخاص سعداء. نعم كان بعضهم عابس ومنهم من حفر الزمن في وجهه خطوطه وتشققاته تاركا أثره القاسي عليهم ولكن بتلك الألوان جعلتهم أكثر حقيقية مما هم عليه لم تعد وجوههم باهتة بل كانت مشرقة بفخر محبب للنفس تعتز به. حبيبتي كانت على الورق جميلة ونضرة ولكنها في الحقيقة أجمل وأجمل هناك جمال خفي مهما حاولت إبرازه بالألوان لا تستطيع الإمساك به يفاجئك بخطفة سريعة في القلب مع النظرة الأولى تاركك بعدها مرتبكا.
اتخيل الآن لو أن إحدى رسوماتي لها تسللت لذلك الكتاب المصور امامهما لكانت حكت عن جمالها بنفس هذا الشغف وتلك الإبتسامة وربما اكثر ولربما جلستُ معهما احكي انا بالنيابة عنها وأشرح لهم مالم يستطيعون أن يروه فهم لا يعرفونها مثلي. أحكي عن تلك العيون العسلية الخجولة حين تنظر إلي وتشيح بوجهها سريعا ، عن سر تلك الخصلات الأمامية لشعرها والتي لا تنتبه انهم مكشوفين أسفل حجابها الذي يتواطؤ معي ليُزاح قليلا على غفلة منها وهي مشغولة بعمل ما فأتابعهم خلسة وأصورهم بألواني كخصلات الخيول النافرة.
بعيني المركزة عليهما وعقلي السارح بعيدا رأيتُ إشارة من يده طالبا الحساب. ذهبتُ مسرعا وودعتهم بسلام أكن له في داخلي كثيرا من الإمتنان. راقبتهما إلى أن مضيا بعيدا عن المقهى.
أحن لتلك الأيام وأحن إليها كثيرا ربما في يوم نجتمع سويا وندخل ذات مقهى متشابكين الأيدي كالعشرات الذين أراهم هنا وننسى كل ما حولنا ويسرقنا الوقت فلا ننتبه له ولانوليه بالا ونجبره نحن بدورنا أيضا أن يتوقف عندنا قليلا فلقد أنهك قلوبنا طول السفر.

الأحد، 27 أبريل 2014

يوما ما سيجبرك الألم على وأد الأمل طوعاً

من أين لي التصالح والسكون ؟ من أين لي ذلك الخدر الذي يجمدك عما حولك مطمئنا ؟ من أين لي هدوء العابد الورع ؟ من أين لي تلذذ ذبذبة الأنين التي تشي بالتحرر من الألم ؟ من أين لي الخطوة القادمة ؟ التغيير القادم ؟ الحياة الجديدة ؟ من أين ؟
أنا مرهقة ومتعبة لم يعد لدي أي قدر ضئيل من الطاقة حتى للخطو خطوة واحدة. منهكة ومفرغة بالكامل فأنا كل ما أصبحته قفص صدري يعلو ويهبط كمؤشر للحياة الإكلينيكية. ودقات قلب عنيفة طوال الوقت أشعر بها في جدار ذلك القفص الصدري كما لو أنها تريد ان تتحرر منه بمنتهى العنف والقوة وانتزاعه انتزاعا، لكنه يمنعها فتتمرد علي _أنا الذي لا حول لي ولا قوة_ بإيلامي بين الحين والآخر ببث تياراتها العصبية شديدة الحدة تاركة إياي في حالة من الإنهيار الهستيري والإنهاك البدني التام !

أخذوا مني تلك الحياة وتلك القوة وبخجل شديد أقول تلك البهجة !
لم اطلب شيئا، ولكي لا أطلب شيئا قننت احتياجاتي حد الكفاف، بدون تذمر وبنوع من الإستعلاء لأحفظ بعض مما بقى لي من حس رفض الإهانة. أغلقت عليّ باب حجرتي على مدار العام، اكتفيت بالخروج منها للضرورة، رفضت الأكل معهم. أن اجلس مع من يسحق كرامتي على مائدة واحدة أي ذل ذلك ، ملوحا بأنه يطعمني جاهراً بها. فقدت شهيتي رويدا رويدا وفقدت القدرة على النوم ، أنا لا أنام بإغفاءة عميقة تريح جسدي بل يظل عقلي عاملا طوال الوقت مذكرا إياي بآلآمي الجسدية وإهانتي، واضعا كافة السيناريوهات والحوارات الممكنة لتأييد أفعالي مخلفا من وراء ذلك إحساس بالسخط الدائم وحالة من النكران وراء جدار الصمت الجافي هذا !
لو أردت النوم لأرتاح اعتمد على الدواء المهدئ ليريح بدني وادخل في تلك الإغفاءة التي يصرخ عقلي أغلب الوقت لينالها.
تنكرت لكل ما أريد حتى وصل الأمر لما احتاج، تقبلت ذلك التحول من الحد الأدنى إلى الأدنى منه إلى أن ضاقت علي الأرض بما رحبت وضاقت علي نفسي.
أنظر إلي الآن لا أعرف من أكون وما أستطيع فعله، فقدت القدرة على الصمود، تآكل جسدي، تآكلت روحي من قبل ذلك بزمنٍ كما لو أنني أحمل بقايا نخر عظام لعجوز !

كان علي أن اواجه المصير وحدي، فإن تمنعت في بذل شيء لأجله يستطيع شراءه، فهو سلبني في المقابل مالا أستطيع شراءه ولا يستطيع هو تعويضي إياه. سلبني عام كامل من عمري يتوقف عليه الكثير من مُضيّ قُدما وتحقيقي لذاتي وإكسابي تلك الهوية المستقلة التي طالما شغفت عمري المنصرم كله لبلوغي إياه.
اعتزلت الآخرين كلهم القريب والبعيد لم يعد منهم من يستطيع تسكيني، لم يعد هناك من يستطيع الفهم، لم يعد هناك من أستطيع أن أدين له أكثر بمعروف يبدد مزيد من الطاقة المهدورة بدءاً.
عزلتي عنهم لحمايتي لهم أكثر من تجنبي ذلاتهم. حمايتي لهم مني التي لم أعد أعرفها ولا أستطيع كبح طباعها الشرسة. حمايتي لهم من تحميلهم عبء لن أستطيع شكرهم عليه لأنه أبعد ما يكون عما أريد ولا لوم عليهم في ذلك.
عزلتي حتى لا أرى ذلك الإحساس _المميت لي_ بشفقتهم علي من مصيري، أنا المتخلفة عن ركبهم  ومهما حاولت وكابرت لأبدو متماسكة تماما مازالوا ينبشون بأظافرهم الحادة  ما أحاول إخفائه من كسرة في النفس لا أستطيع تحملها.

لم أستطع منع ذلك الشعور المؤلم بالخوف من عدم استطاعتي بالنجاح في المرة الثانية. لأول مرة أشعر بعجز تام خاص بي أنا وحدي في أمر متعلق بي. كنت أزعم دائما اني كفيلة بأمري وأستطيع تجاوز كل ما يتعلق بي بإرادتي الصلبة المعهودة ولكني كنت خائفة لدرجة الألم الذي فتك بي وانا على مشارف خوض التجربة الثانية. شعرت بنفاذ المحاولات مع فقدان القدرة التام !

مزيد من الشعور بالأسف وعدم الإنصاف، فلقد مررت بكل هذا في المرة الأولى ولم أدخر أي جهد في طاقتي. عملت أقصى ما في استطاعي حينها لإنجاح الأمر ولكن يبدو أن وقودي كان قد نفذ قبل خط النهاية بثلاثة بالمائة فقط !
وكوني لم أبذل مجهود اكبر ايضا هذه المرة حيث اني اتممت الأمر صحيحا في المرة الأولى ولكن خانني الحظ، أشعر بالغضب والإجهاد معاً.
عندما رأيت أغلب من معي في المرة الثانية يبدو الأمر لهم عادياً ولم يبذلوا مرة أخرى عناء لإنجاحه شعرت أني لا امتلك تلك الرفاهية التي يملكون. أنا في احتياج لإنجاحه اما هم فلا يعنيهم كثيرا إنجاحه أم لا، لأنهم لا ينقصهم شيء ولا حتى ذلك الشعور بالخجل من النفس !

تكرار نفس الأمر بنفس الطريقة وانتظار نتيجة مخالفة نوع من الهدر الأحمق للتوقعات وخيبة أمل ليست عن سوء حظ ولكن عن غباء صادر عنك. وهو لا يفعل شيء غير إرجاعنا آلآف المرات بنفس الطريقة إلى ما نحاول التحرر منه. كلما هممنا لتجاوزه مد يده طويلة ومعها لسانه ليكبلك بهما. في البدء كنا نواجه بدفع الأذى الآن لم يعد هناك ما نستطيع الدفع به فالتزمنا الصمت أما هو فمستمر في كربلائيته المريرة !
نحن تحولنا تماما لبقايا ليست مهزومة بالعكس منتصرة ولكن ما نفع النصر لشخص ميت لن يجدي معه شيء ليبعثه من جديد وأي نصر ذلك كل ما فعلته انك تحملت الضربات !

حاولت مهادنة الخيبة بتطلع بعيد لأمر يبعث في قلبي البهجة لأسكنه قليلا وأعينه على التحمل قليلا. حتى هذا الأمر بالرغم من فرضيته في عالم الأحلام إلى أن الواقع نهرني بشدة كما لو كنت أهنته، حتى انني لم أفعل اي شيء يذكر لجعله واقعا، كما لو ان محاولاتنا للتخفف يستشفها القدر أو ايا كان مسماه ويعاقبنا عليها بقسوة بدرس ليس له داعٍ من تذبذب الإيمان ! كما لو انه ليس سوء حظ أو عثرة بل ترصد، انك المقصود والمتتبع ، سننال منك حتما سننال منك عن آخرك !

بالأخير لا أتمنى شيء غير أن اخطو الخطوة القادمة، أن تكون هناك خطوة قادمة من الأساس وإن لم تكن فليس هناك داعِ لتحمل كل هذا الألم يا الله.



الأحد، 9 مارس 2014

لو بعتني يا عم وسط الناس غليني

الحاجة الوحيدة اللي شايفاها تعرفني هي دراستي / شغلي ، اعتقد ان دي الحاجة الوحيدة لحد دلوقتي اللي انجزتها بنفسي وبإختياري ، وكوني الأولى في عيلتي في المجال ده فحققت ده بطريقتي الخاصة وبإسلوبي الخاص لأن مفيش خبرة أو تجربة سابقة اتعلم منها. وكأي طريق الإنسان بيمشيه بنفسه لازم بيلاقي مطب بيتكعبل فيه ،  المشترك برضه فيه انه لازم يواجهه لوحده ويحاول يتقبل العثرة دي في الأول وبعدين يتجاوزها ، او يتعامل مع المعطيات الجديدة كفرض واقعي،  بمعنى انه يحاول يتخلص من مرحلة الإنكار اللي للأسف ساعات بتيجي متأخر بعد تقبل وقتي للأمر يلاقي نفسه بعد كده ساخط جدا ومحاولة التقبل الزائفة ما كانتش غير فعل وقائي عشان يثبت لنفسه انه لسه متحكم وصاحب السيطرة.

انا طول الوقت كنت مدركة ان المرحلة الأولى ” للخلاص ” بالنسبالي هو اني انهي دراستي الموضوع بالنسبالي كان هدف حقيقي أكتر من انها مرحلة في حياتي من الطبيعي اني هعدي بيها ، عشان كده كان السبب الوحيد اللي بيمنعني من اني اتمادى في نقد طريقة التعليم واني ازود عدد سنين الدراسة اللي اصلا مش محتاجة كان هو ده ” انا لازم أخلص دراستي ” مش ممكن استنى ترم كمان ولا سنة ولا حتى شهر زيادة.

في مرحلة معينة بتضيق بينا نفسنا وبنضيق من اللي حوالينا خاصة لما تتأخر مرحلة مواجهة نفسنا بالعالم الخارجي ، بإننا نشوف حجمنا الحقيقي وقدراتنا الحقيقية ومدى تأثيرنا واحتياج الآخر لينا.
خاصة كمان لما تدرك ان حياتك كلها كانت مُسيّرة من قِبل شخص واحد ، الشخص الواهب أو اللي بيدفع فاتورتك من الآخر ، فاتورة حياة كاملة انت عايشها. لما تبدأ ترفض وتعترض بتلاقي ان جزء منك مكسوف وشايف انه كاذب لأنه عليه فواتير كتير ما ادفعتش ، وخاصة كمان لما اللي كان بيدفع ـ وانت كنت مفكر وقتها ان ده حقك الطبيعي ـ بدأ يطالب أو يفكرك انك عليك فواتير كتيرة أوي فأنت ما تستاهلش انك يدفعلك فاتورة كمان !

وعشان تبقى المحنة حقيقية وتحس بشدتها فعلا بتيجي في الحاجة اللي انت كنت بتقلق منها الأقل او بتتمناها الأكتر على حسب الأكثر إيلام ليك في اي جهة بالظبط ، انك تأخد ضربة غير متوقعة فتسببلك عجز تام في كل ردود أفعالك وتصرفاتك او تأخد ضربة في الحاجة اللي بتحبها الأكتر فتصاب بخيبة أمل كبيرة جدا تفقدك اتزانك وتخلي قدامك الطريق مموج أوحتى فجأة تلاشى.

أنا محنتي دايما متعلقة بإنتظار الخلاص على كل الأصعدة في حياتي الخاصة ، أي حاجة بتحصلي هو اني بستنى وبستنى وبستنى ، بستنى الأمور تتحسن ، بستنى ابدأ حياتي اللي بتمناها ، بستنى الخبرة الكافية عشان احقق شيء واقف على ارض صلبة ، بستنى حد يقول كلمة وما بيقولهاش ، بستنى عدالة ما بتجيش ، بستنى ناس تتغير وما بتتغيرش ، بستنى انا اتغير وبرضه ما بتغيرش.

برغم ان خلاصي من دراستي كان هدف أساسي بس ما كنتش أتخيل انه في يوم هيكون أشد حاجة محتاجاها في حياتي في المرحلة دي. انه تخطى فكرة *مرحلة* لفكرة *احتياج* عملت كل اللي أقدر عليه وقررت المواجهة ومهربتش واتحملت ضغط عصبي يفوق أضعاف اللي بيتحملوا زمايلي عشان اشبع الإحتياج ده ـ نظرا للظروف الخاصة اللي مريت بيها - بس برضه فشلت ، وفشلت على تقديرات بسيطة جدا
بيخليني قول لنفسي ان التجربة كانت ناجحة بالنسبالي جدا بس بتقديرات الآخرين اللي دايما بيهمهم النتيجة الأخيرة فهي فاشلة.

اتقلبت ما بين تقبل أولي عشان اتماسك ، لسخط عارم عشان أعرف المقابل اللي دفعت عليه التمن الغالي ده من حياتي من وقتي ،  لحالة صمت أجوف جوايا بيتحايل انه عادي مش هتفرق كتير عشان يغالب إحساس ان يبقى فيه ندم ما اقدرش احسس نفسي بيه لأني ما قصرتش فعلا فمش عايزة أظلمني بزيادة ، 
لإحساس انه ياما دقت ع الراس طبول *وده حقيقي جدا* إن مش اسوأ حاجة حصلت في حياتي هو ده لأ انا واجهت الأسوأ بكتير على كافة الأصعدة اللي يخليني أفضل متماسكة جدا.
كل السخط إن فعلا اللي دفع التمن في حياتنا * الكذبة * هم الناس الغلط اللي المفروض ما يدفعوش أي تمن في حين اللي غلط بجد حياته اتعادت ترتيبها بشكل أفضل واللي بيدفع التمن عنه حياته اتدمرت !

كل اللي محتاجاه اني أهرب مش هروب عاجز عشان سايبة حاجات تستحق انها تتقفل لأ هروب لبداية جديدة ، أهرب من مستنقع ما بيعملش حاجة غير انه يوسخك أكتر وأكتر ، عايزة أهرب قبل ما الكويس فيّا يتغير وبدل ما أكون قادرة اني أسامح امتلك قسوة يتحجر معاها حاجات كتير اتمنى انها تفضل حية فيّا يمكن تنقذ أي حاجة يمكن انقاذها مسقبليا عشان كده أنا كنت في * احتياج * اني أنهي كده وما يفضلش فيه قيد مكبلني مش قادرة اتحرر منه

الأربعاء، 1 يناير 2014

2014 ..

ابتدأت تلك السنة الجديدة من بضع ساعات فقط ، استبشار وتمني لم أعهده في نفسي على مدى عام كامل ولم استقبل به حتى العام المنصرم عام ال 2013.

2013 كانت الأصعب على الإطلاق ، سنة كاملة كل ما كان فيها هو محاولة الصمود أمام ضربات القدر المتتالية ، آلآم جديدة كل يوم وجرح في النفس يترك ندبته أبد العمر ، سننسى حتما سننسى ويتراكم الغبار على تلك الأيام يوما ما لكنها ستظل قابعة هناك في ظلمة البئر عميقة ومن حين للآخرسننفض الغبار عن تلك الذكرى ليعود الجرح يؤلم من جديد لكن من المحتمل أن يكون حينها مستنا تلك الفرحة  بعين الرضا التي تعيننا على تحمل الأوجاع وتطيّبنا بحكمة " هكذا هي الحياة " !

لن أنسى ما كتبته بختام ال 2012 ، مودعة عام ومستقبلة عام ، كتبت وكنت على يقين بما اكتب والآن أنا أيضا على يقين بما حصلت عليه
"

ويمضي الوقت ونظل عالقين خلاله. فلا عام ماضٍ يستوقفه برهة ولا عام آتٍ يسرع به قليلاً. فنحن عالقين به في حالة متصلة . فلن نتوقف مثلا عند الثانية عشر صباح اليوم الأول من العام الجديد لنعلن أننا أفرغنا ذاكرتنا تماما مما مضى ، أو نعلن أن هذا العام يَجُب ما قبله من أخطاء سواء كنا مسئولين عنها أم أُجبرنا عليها ، أو نعلن ولادتنا من جديد ، او نعلن إنتهاء حالات القلق ، أو نصرخ مدافعين عن الشعور "بالوحدة" كجزء من ذاتنا الجديدة مع العام الجديد ، أو نُصر على سيناريو بعينه مُعَّد للسنة الجديدة ، أو نجزم بحقيقة شيء سابق تعلمناه لن يتغير هذا العام بطريقة أو بأخرى !

نحن من نجدد التوقيت لكن الزمن لا يتجدد والحلقة لن تنكسر بين لحظتين زمنيتين و كما أن الآمال لا تنشب فجأة وقت التأهب لها ! "

الآن مع حلول هذا العام كم اتطلع لبشرى جديدة، لأمل جديد ، لبرهة نتأمل قليلا ماذا كنا وكيف أصبحنا وماذا بعد ؟
لنعيد خلق ذواتنا الجديدة بذلك الحِمل ، لنتغلب على الهشاشة لننفضها ونرى أثر دفع الأذى عنا وكيف اكسبنا صلابة ، لنضع خططنا لهذا العام ولنغدق أمانينا على من نحب ، لنسأل الله العون وأن ينظر إلينا بعين الرحمة والهدي للطريق.

سنة أودعتها دعاء ورجاء ليحفظه الله، عنده لا تضيع الودائع. أنا من آمنت أن الزمن لا يتجدد ولا ينكسر بين لحظتين أشعر هذا العام كما لو اني نفضت عن عاتقي غبار حِمل ثقيل ، فما حدث قد حدث ، متطلعة للقادم بعين مستبشرة وقلب أخضر. فالماضي انتهى مجازا لابد أن يكون هكذا ولأبدأ عام جديد كما لو أن الزمن يبدأ الآن مبددة ما جمعته من خسائر. فمازلنا مرضى مصابين بالأمل.



                                                                                                                                                           

عدت سنة !

2013 لم تكن بنا رحيمة على الإطلاق !

- كل واحد منا يعيش معاناته الخاصة جدا ، لا أحد يمتاز عن الآخر بكون ألمه أكبر أو أقوى ، بكل بساطة كل واحد يعيش جحيمه الخاص ، كل واحد منا يحاول دفع الأذى عن نفسه ، يحاول أن يتحرر وفي كل محاولة تلتف عليه معانته بطرق شتى ، مع كل محاولة للمقاومة نزداد هشاشة ونتحصن بالصمت لا غير !

- لو كان هناك شيء أشد من فاجعة القدر فهو محاولة تأويله ، ولو هناك أمل قاتل فهو أمل اليائس ، ولو هناك انتظار غير رحيم وهو في المجمل هكذا فهو انتظار لشيء يستنزفك ، انتظار خلاص لا دخل لك به !

- (الوقت) جدير بالتبجيل ، لا تدرك أهميته إلا حين ينفذ أو لا يستوعب مغامرة " شغف " ، الوقت سواء ساعات ، مرحلة ما ، أو عمر كامل ، مخيفة فكرة استرجاعه ولا يوجد به شيء يستحق التوقف عنده ! هناك وقت نرجوه ليمر وهناك وقت نستوقفه ، الوقت بالضرورة ينقلني لتلك اللحظة التي يشعر عندها المرء بالإكتمال ، لحظة تسترعي الإنتباه أخاف أن تكون ولت و اتمنى أن تكون قادمة ، وفي هذا أو ذاك لا اعتقد أن تكون وجدت بالفعل لأنها ستكون بدون خوف أو أسف أو حتى تمني. سيكمن كمالها في انها هي !

- فكرة استحوذت علي هذا العام هي فكرة " الإنتحار " تلك الطاقة الموازية تماما لطاقة الحياة ، تلك الرغبة الدافعة لتلك الغريزة الجوهرية فينا ، اولئك من امتلكوا الجرأة للهو بالحياة ، من امتلك حس تمرد خالص تماما ليواجه ايا كان ما ينتظره على الجانب الآخر أو لأنه اكتفى فقط بما حققه.
فيلم the hairdresser's husband
لم تكن تتخيل انها تستطيع ان تكون أكثر سعادة مما هي عليه، في لحظة ما قبل أن يخبو صخب العلاقة وتصاب بالفتور، اختارت أكثر لحظاتها تألقا وفي أعلى قمة للمنحنى أنهت كل شيء تماما تاركة خلفها مالا يفسر محققة لحظة اكتمالها.
كاتب يدعى "رومان جاري" عاش حياته كلها تحت اسم مستعار "آميل اجار" حقق مجده باسم أخر ، واجه الحياة بهوية مزيفة ، خدعة استخدمها ليلهو بتلك الحياة وحقق انتصاره عليها. في رسالة انتحاره كتب :
" لقد استمتعت كثير باللهو ، شكراً الوداع "

- كتابة بعقد مصالحة مع القسوة كانت " أطول رسالة في العالم" تلك التي كتبها الفتى نيقولا ذو الأحد عشر عاما لحبيبته المستقبلية المتخيلة شوكس
لا استطيع منع تلك العبارة من أن تقتحم تفكيري من حين لآخر لتعقد هدنة للتصالح معي ( لو كنت أنا يا شوكس سأكون كما في الأحلام السعيدة )
ربما حلمه السعيد أن يكون معها هي التي لا يعرفها ولكنه ينتظرها ، ربما حلمه السعيد أن يستعيد جدته ، أن نستعيد هؤلاء من نحبهم وغادرونا ولا نستطيع جلبهم إلينا إلا بإستحضارهم في أحلامنا السعيدة ، ربما حلمه السعيد أن يقف في وجه زملائه الذين لم يكترثوا لإختفاء صوته حزنا على جدته ، أن نكون أكثر قسوة مع هؤلاء الذين يتجاوزونا ويسخروا من ألمنا فقط لأنه لا يعنيهم !

- الموت على الرغم من فرطته والتفنن في خطفتنا بطرق شتى، ستبقى له هيبته ، سيظل أمر يروعنا إذا اقترب من أحبائنا ، سيظل يكسونا بحزن هش بلوري سهل الكسر طالما مازال قادرا على أن يوجه ضربته إلينا مباشرة تاركنا بلا حيلة وبجرح لا يندمل. مثير للشفقة من يظن إنه بموت أحدهم حقق انتصار ، هو في الحقيقة الموت هزيمة لنا، هزيمة لنا نحن الأحياء فقط لا غير.

- " كنا نمسح دموعنا ونقول : "لايهم حين نكبر سنكسرهم أيضًا
إلا أنهم وحينما تأتينا الفرصة المناسبة ينكسرون من تلقاء أنفسهم " #عماد_أبو_صالح
ينكسرون ويتركونا ننازع أنفسنا ، نتخبط ، يقتلنا التفكير ، فنحن أيضا ننكسر معهم تماما فنمسح دموعهم بقلوبنا الممزقة !

- " فينا نحمل الصخر فوق الجبل ونرميه ونعيد ونعيد ونعيد "
" فينا نفتح عينينا لما يرموا فيها تراب ، قلن لسا شايفين "
" فينا نقاوم ليهلك الخيال اللي حاربناه ، قلن لسا صامدين "
" فينا نرفض نأكل بعض لو الناس شافت عضامنا، قلن مش جيعانين "
كلمات تخلد لـ #مشروع_ليلى
الجملة الأخيرة كتبت على صورة لأحد رجال الشرطة وهو يمسك هراوته، الصورة مزيج من الألوان الخافتة ، واصبحت متداولة كصورة cover ، تلك الأغنية تبعث في حماس غير عادي عندما تستفحل الأمور ، تلك الأغنية لو طلب مني وضعها خلفية لحدث ما فهو عندما تمكن زميلنا المعتقل من أداء امتحانات هذا العام. لم استشعر حلاوة وسط هذا التخبط واليأس كهذا الحدث. إن كان حمل الصخرة مرة بعد مرة هو عقاب سيزيف الأبدي فأنا أرى إنه طوق النجاة الوحيد لنا كنوع من "المقاومة"

- "أفضل دليل علي أن الموسيقي ليست من جوهر إنساني بأي شكل من الأشكال هو أنها لا تبعث أبدا علي تصور الجحيم!" #اميل_سيوران
الموسيقى كانت تحدي الصمت ، خلفية جميع الأوقات ، لساعات وساعات وساعات ،
شعور ببهجة متسللة ، ليس هناك شعور لاذع بحزن أو فرح مسيطر ، كاسترسال لطّيف خفيف .
في فيلم Amadeus الذي يحكي قصة حياة موتسارت
يخبرنا انه:
" أكثر من صوت يتحدث في مسرحية ما في وقت واحد يعد ضوضاء أما بالموسيقى ، الموسيقى وحدها يستطيع أكثر من عشرين شخص أن يتحدثوا في وقت واحد ويصبح هذا الإنسجام التام "
فقط الموسيقى لا يمكن استيعابها ، الموسيقى تسمو فوق الفرح والألم.