الأربعاء، 31 يوليو 2013

البنت التي لم تحضر حفل التوقيع




لم تكن بالتأكيد على استعدادٍ كاف او تام ، لكي "يوقع" لها كتاباً ، او يؤكد لها منزلة ما !
ليست التي منعها ابوها او سوء الجو ، او كونها من محافظة بعيدة ، او يوم الجمعة وانشغالات العائلة أو كرهها لتواجد آخرين مكثف ، او تسليط الضوء عليه بهذ الطريقة هذه الليلة !

البنت التي قابلها ـأصلاـ قدراً فأخبرها ..
كل البنات كان يقابلهن قدراً

لم يفلح طوال سنوات عمره العشرين أن يضبط نفسه على "موعد" معها ، وفي كل مرة تصله رسالة اعتذار ركيكة على المحمول ، او يعود ليجد رسالة معلقة على شاشة المحادثة ! ولا ينزعج ..

البنت التي لم يهتم لأمرها ابداً ، وبالتالي لم تلق هي له بالا فيما يبدو ولا يحبها ولكن شعر انها لم تحضر عندما انتهى اليوم !
البنت الوحيدة (إذا) التي ستشك كثيرا انها المقصودة (جدا) بهذا الكلام ، فتحاول ان تقرأ ما بين السطور ، وسيحاول جاهدا ان يرهقها بالرموز المعقدة لكي تتوه بين السطور !

البنت الوحيدة (أصلا) التي لا/لم تقرأ له !
البنت الوحيدة (جدا) التي ـربماـ لم يدعها للحفل أصلا ..
البنت الوحيدة (فقط) التي ستموت مبكرا جدا من عمره !

وأقول لكم عن ثقة وخبرة وربما دراية ايضا ، انها البنت الوحيدة التي اكدت اكثر من مرة ان ستأتي وأن ذلك (ايضا) يسعدها جدا ، والتي أعد لحضورها أو لتواجدها اسطرا وكلمات ، وللكتابة لها اعتبارات خاصة جدا ، جديدة ومميزة ، وبالتالي أسعده أن تحمل له هذه المشاعر رغم ان علاقتهما (ملتبسة) .. !!

البنت التي ازعجه (حقا) ان تكون قد ماتت في هذا اليوم أو حدث لها مكروها (حقيقيا) منعها من المجيء والتي جعلته يفكر بإنزعاج كيف يمكن ان يصير يوم حفل توقيعه يوم شؤم عليها ؟!

ولكنه "لَّم" قلقه ووارى انزعاجه عندما علم بطريقة لم تبد مباشرة انها لا تزال بخير .

فيم/كيف يفكر نحوها/فيها الآن ..
البنت التي يعلم انها تسير فلا تلفت الأنظار ، وتتحدث فلا يسمعها أحد !
البنت التي عندما قابلها اول مرة ـ قدرا كما قلنا – ظل اسمها محفورا بتجاويف ذاكرته وربما كلماتها ..

البنت التي عرف كيف يحدثها على فترات متقطعة وبوسائل متعددة وشعر أن اسبابه تتصل باسبابها في كل مرة
البنت التي لم يرها قط ، ولم يحلم بها ابدا ولم يفكر فيها اصلا ، قد يسميها الغريبة أو الأخرى/المغايرة/المختلفة ..

البنت التي لولا كونها بنتا لما سأل نفسه عنها بعد ذلك ، لماذا لم تحضر حفل التوقيع ؟ وأخذ يرصد لها الأعذار كما فعل مع أصادقائه جميعا وكما التمس للآخرين مبرراتهم !

البنت التي ادرك في آخر الأمر انها لم تمت
ولم تصبها لعنة الحضور ولم تحل عليها بركة الغياب
ولم يمنعها أحد من المجيء أصلا ، بل خرجت في ذلك اليوم فعلا ، وكانت على استعداد تام للملاقاة الوشيكة ، ووصلت إلى المكتبة فعلا ..

البنت الوحيدة التي اقتربت من المكتبة ورأتك ولم تلحظها ثم سحبت نفسها وانصرفت ..
حينها ندمت لأنك لا تعرف إن كانت فعلت ذلك حقا أم لا !

من المجموعة القصصية (التحديق في العيون)
لـ/ إبراهيم عادل

الخميس، 25 يوليو 2013

محاولة (3) لتسجيل الحدث



ما هو عشان انا لازم اكتب وما اقولش لنفسي هتعدي او هقول ايه ، او اخاف افتح ملف الورد واقعد قدامه مش عارفة اقول حاجة عشان اللي جوايا ما بيطلعش بحاجز نفسي اني هكتب "هقول ايه" ؟!

انا تعبت، ما بقاش فيه متنفس للعيشة اصلا ، يارب مش عارفة اعيش !
يارب عملنا ايه نكفر عنه بالشكل ده ، يارب الإبتلاءات فوق قدرة تحمل البشر ، ايوة فيه ناس بيحصلها كتير بس بيبقى فيه نسبة وتناسب ، ايوة احنا في مجتمع وسخ خلانا نقبل ان فيه حاجات معينة تحصل لناس بتركيبة معينة وما تحصلش لناس تانية ، ويارب انت عارف ان دي من اوسخ الحاجات  اللي بكرهها في ام البلد دي والناس اللي عايشة وسطهم وفي اللي بيحكمونا انهم خلوا طبقة واحدة بس فوق كل البشر وهي اللي تتحكم في مصيرهم ، وايه كل اللي معاهم ؟! كل اللي معاهم هو كل الحاجات اللي تخلي الناس دي تعيش ، الناس دي فوقنا عشان في ايديها انها تقدر تخلي الناس دي تموت !

يارب ، كان فيه قصة الغلام والملك اللي في النهاية اثبتت ان الملك ده مش اله عشان ما قدرش يحيي الراجل اللي قتله بس انت تقدر ، هي دي الفكرة لو فيه حقيقة مطلقة هي الموت فحقيقة انك ربنا انك هتبعثنا وتحيينا مرة تانية وفي كده بيتفاوت المؤمنيين.

انت يارب خلتنا في النص بالظبط لا زي الناس اللي الناس تقدر تتقبل انهم يحصلهم كل الإبتلاءات دي او حتى هم نفسهم شايفيين انه عادي يحصلهم كده ! ايوة يارب هم بيتقبلوها على نفسهم عشان هم شايفيين نفسهم كده وشايفيين ان اللي بيحصلهم عادي وفي مقابل ده انت عطيتهم قدرة على التحمل سواء بإيمان شديد او بانك انتزعت منهم قدرة على الإدراك ان اصلا المفروض ما يحصلهمش كده او المفروض ما يتقبلوش انهم يبقوا كده ..

انت يارب خلتنا في النص ان احنا عندنا ادراك تام بالإبتلاء اللي احنا فيه واننا مش متقبلين ده وحتى الناس مستغربة من كده ومش قادرة تتقبل ده علينا ، وفي نفس الوقت عطيتنا ايمان بيك وقوة تحمل على البلاء بس نزعت منا الأمان ، نزعت منا الأمان في المقربين في السند خليته يدمرنا ، بيحرق فينا مستكتر علينا قوة التحمل اللي انت عطيتهالنا !

يارب احنا عارفين لو هو كده خلاص كنت فعلا انت عطيتنا كارت الخلاص ده يا اما انك تعجزنا او تأخدنا مفيش احتمالات تانية عشان ده صعب على قدرة الإنسان يتحمله بشكل فجأة وموجة شديدة وابتلاءات متتالية وراء بعض ، مين يستحمل كده إلا لو انت كاتبله انه هو يستحمل ؟!

احنا راضيين بقدرك وبالطريقة اللي هتكشف عنا بيها البلاء بس يارب عايزين حبة متنفس اننا نعيش ، اعصابي اتدمرت جسمي بيوجعني ويحرقني من الألم المستمر من الخوف ، مفيش راحة مفيش ثقة مفيش حتى قدرة على تخيل حاجة قريبة حلوة !
السواد حالك يارب ، واللي مننا خلاص اقسى حد علينا ، العيشة معاه بقت مفيش ،
كل شوية نرمم اي حاجة تعدينا لبكرة وكل لما يجي بكرة نرمم اليوم عشان يعدينا لبعده وهي كده بقت الحياة ،
هو مش مخلينا نعيش لا النهاردة ولا بكرة حتى دي مستكترها علينا ، بيهدم آخر حاجة فينا
احنا معندناش حاجة غير نفسنا بشوية تعليم على تربية كويسة وبس ، طلباتنا في الدنيا كلها المادية اكل وشرب اللي يخلوك تعيش  ، تعيش بس يارب على الكفاف ما بنطلبش زيادة ، حتى دي بقت بالذل وبالوصم والإهانة  ،

حبة راحة يارب ، حبة راحة ارجوك لو كاتبلنا نكمل
حبة راحة يارب احنا تعبنا اوي ، تعبنا يارب
والله العظيم تعبنا

السبت، 13 يوليو 2013

لو كان آدم سعيدا / اميل سيوران


أفضل دليل علي أن الموسيقي ليست من جوهر إنساني بأي شكل من الأشكال هو أنها لا تبعث أبدا علي تصور الجحيم!
إنها الفن الوحيد الذي يضفي معني علي كلمة المطلق، إنها المطلق معيشا لكن عبر وهم كبير، لأنه يتلاشي مع عودة الصمت .

*

عشت لحظات يكون المرء فيها ماخوذا خارج المظاهر، هزة فورية تاخذك من دون استعداد، يجد الكائن نفسه في امتلاء خارق أو بالأحرى في خواء حماسي.كانت تجربة عظيمة الكشف المباشر ببطلان كل شيء، تلك الإشراقات فتحت لي مجال معرفة السعادة القصوى التي يتحدث عنها المتصوف وخارج هذه العادة المؤقتة لا يمتلك اي شيء وجودا حقيقيا.
نحن نعيش في مملكة الأشباح ونحن على أية حال لا نعود كما كنا ابدا سواء اكانت تلك العودة من الفردوس أو من الجحيم !

*

الضحك هو المبرر الكبير للحياة ! وعلي القول انني حتى في اعمق لحظات اليأس كنت قادرا على الضحك ، هذا ما يميز الإنسان عن الحيوان ! الضحك ظاهرة عدمية تماما كما يمكن للفرح أن يكون حالة مأتمية !

*

لعل الجنون مجرد حزن كف عن التطور !


*

الاتصال الحقيقي بين الكائنات لا يتم إلا من خلال الحضور الصامت، من خلال اللاتواصل ظاهرياً ، من خلال التبادل الغريب الخالي من الكلمات والذي يشبه الصلاة الداخلية.

الثلاثاء، 9 يوليو 2013

محاولة (1) لتسجيل الحدث



لم اكن ادري ان ما كان يعوقني عن الكتابة هو ذلك المظهر المبهج لمدونتي والذي كان يغتال بكل بساطة اي رغبة داخلية مني لأكتب وانا في اشد الحاجة لأكتب ، مظهر مبهج نقيض لما بداخلي ، الأسود افضل قليلا  ..

مازلت حتى الآن لا اعرف عن اي شيء تحديدا اريد الكتابة من كل تلك الأحداث السابقة ، ربما الكتابة لا تفيد الآن انا في حاجة ماسة اكثر للحكي رغبة جامحة للإنخراط في البكاء والنشيج لأتخلص من ذلك الإحساس البارد المثقل ذو الوتيرة الواحدة من الألم المصمت !
يداهمني طوال الوقت نوبة من الحزن فينقبض قلبي حد الإعتصار ويغوص اكثر واكثر ، حنين لعهد كامل احاول ألا اتذكره حتى اظل صامدة ، حنين لعهد آتٍ كنت اتمنى لو كنا معا .
كيف يُقتطع الزمن هكذا فجأة بأحداث متسارعة حتى الآن لا نعرف كيف ستنتهي. كيف تبدأ الرحلة بدون اي تحضير لها او حتى سابق معرفة بحدوثها ، كيف لنا ان نتحمل كل هذا يا الله ؟!

ربما اسوأ شعور الآن هو عجزي عن الكره ، الكراهية هي كل ما اريده لأرتاح ، اريد ان اكره حتى لا اغفر حتى لا اسامح حتى لا يقتلني الحنين !
ما بي هو غضب وفقط ، شعور بالتأجج والغليان ، سخط على كل ما حدث لكني لم اكره لم اصل لتلك المرحلة بعد ، فالكراهية باردة لا تأبه ، لا تصيب الآخرين حولنا بسابق نذير بل تقتل فجأة وتدمر صاحبها في بطء شديد.

لكني لا اريد الإنتقام فعليا بل اريد بعض من قسوة القلب على اخطائهم في حقنا ، ان اشعرهم بهول فعلتهم ، ان اتحسس الندم الحقيقي ، لكنهم لا يأبهون بل حتى لا يرون ماذا فعلوا بنا.
لم يدفع احد ثمن اخطائه بل تحملتها هي كاملة بدلا عنهم واذا قلنا ان هذا إبتلاء لها وصمدت ، فمع هول هذا الإبتلاء وشدته كيف سيكون انتقام الله منهما ؟!
يا الله ، انه امر مرعب على تفكيري لذلك فانا لا استطيع الكره لأني اعلم ان أمر الله نافذ حتى لو تأخر .

ربما إبتلاء الله لي في الدنيا هو "فعل الإنتظار" هو استنزافي ببطء في كل ما يهمني ، حياتي كلها فعل انتظار
لأمور اعرفها واخرى لا اعرف عنها شيء بعد
وما بين الانتظار يأس وخيبات أمل وخذلان شديد مصاحبهم الأمل ، ملازمهم لا ينقطع بأن يوما ما سيأتي الأفضل ، حتما يوما ما سيأتي !

عرفت كيف يكون الإيمان ، آمنت بشدة عندما انقطع الرجاء بالناس جميعا ووقفوا عاجزين عن اي فعل ، كنت اهرع إلى الله بالدعاء ، كنت اتوسل من اعرفهم ان يساعدوني بالدعاء ، كانت شفتاي وانا نائمة تتمتم بالدعاء ، اصبحت الثقة بالله فعل لا ارادي خالص ، اصبح كلي امل فيه وحده وصبر له وحده وتوسل له وحده ورجاء ، وكانت الإستجابة اشبه بالمعجزة لأقف عاجزة ايضا عن الشكر .
ان يكون النصر في اشد لحظات الذل والمهانة ، ان ينصرك الله وانت لا حول لك ولا قوة ، عندها تتفجر المعجزة التي لا اكف عن تسميتها هكذا لأنها ليس لها وصف آخر .

فليرحمني الله وليعفو عن ذلاتي ، استطعت ان اصيب مكمن الوحدة ، الوحدة تختلف كليا عن العزلة فالأخيرة يُنفى عنها صفة الإجبارية بل هي اختيارية بمحض ارادتنا ولا يتخللها خوف. لكن ان تصيبك الوحدة فاعلم انه لم يعد هناك من تحبهم بجانبك سواء ازحتهم انت بخذلانهم لك فتركوك وحيدا أو حال بينك وبينهم ما منعهم ان يكونوا بجانبك.

لم افكر وقتها في ايا من ذلك ولم يعنيني ان اقاتل في اكثر من جبهة ولكني كنت اسجل واخزن في ذاكرتي تساقطهم واحد تلو الآخر وانكسارهم امامي. كان جل ما يهمني حينها هو ان اكون على قدر الحدث وان اتحمل المسئولية كاملة التي فاقت كل قدراتي على التحمل لولا توفيق الله ومنحي قدرة لم اكن اعلم اني سأتحمل كل هذا الحد.

من يغفل عامل الوقت في الحدث يفوّت عليه كثير من الإدراك ، الوقت احيانا يقف بجانبنا فيساعدنا واحيانا يتشارك مع الأشخاص في ارتكاب المذابح ضدنا !
يختار الوقت توقيت ضعفك ويؤذن للأشخاص بساعة الصفر للإنقضاض عليك هكذا بكل بساطة ، فيكمن عنصر المفاجأة وتهوى سريعا .
الوقت كان ضدنا ومعنا في آن ، استغللناه لأهميته لنكسب التعاطف ونسرع بالإنتهاء ولكن الأمور تجري لمقاديرها ايا كانت في نهاية الأمر !

اعلم جيدا ان لحظة ادراكي لأمر ما كامل هو لحظة بنائي تصور كامل عنه وصياغته وتلخيصه بدون تشويش ، إحقاقا للحق فأنا في حالة رعب عندما تحين تلك اللحظة ! انا الآن في تلك الذاكرة المشوشة والمقتطفات ومحاولات التفسير وانتظار لحظة انكشاف الشدة كاملة والتي ربما تطول كثيرا ، لكن لحظة ادراكي لهذا الأمر جيدا اعرف ان مصابي سيكون منذ تلك اللحظة
عندما يُحكم كحبات العقد ويتسلسل ، ستكون الصورة المسلسلة مفجعة ، ارجو من الله ان يرحمنا حين تحين تلك اللحظة فليس لي إلا الدعاء
:-)